شركة Wana تنصب على رجال التعليم!




يحكي صديقي وهو أستاذ في التعليم الثانوي أنه اشترك مع شركة wana ما يزيد عن سنة، وبالضبط يوم 23-01-2009 ، مستفيدا من الفرصة التي أعلنت عنها مؤسسة محمد السادس عبر شراكتها مع الشركات الثلاث الخاصة بالانترنيت في المغرب (اتصالات المغرب، وانا، ميديتل)، وأراد صديقي، وهو رجل صادق فيما يقول، أن يستفيد من " الموديم" بثمن شهري قدره 90 درهما وعقدة قانونية مع الشركة مدتها عامين كاملين كما يقضي القانون، فهرع المسكين إلى أقرب وسيط تجاري لشركة Wana بالمدينة التي يقطن بها بعدما سمع إشاعات من زملائه في التعليم أن Wana سيتحسن جودتها وأن المستقبل لها على مستوى " خدمة" المواطن المشترك في خدماتها، والدليل في هذا هو ثمنها الذي يبلغ 90 درهما في حين أن ثمن الاشتراك في شركتي ميديتل واتصالات المغرب لا يتجاوز 50 درهما، وبما أن رجال التعليم مشهورون بكثرة الحسابات الخاوية كما يشيع عنهم خصومهم من الوظيفة العمومية بداعي الحسد والغيرة من كثرة العطل كما يقال والله أعلم، وقع في الشرك الذي نصبته لهم هذه الشركة " الشاطرة"، وجد صديقي المسكين أن الصبيب ثقيل جدا، فلم يبال بهذا الأمر ما دام غرضه من "النت" هو التواصل مع الزملاء برسائل مكتوبة وقراءة بعض المواقع الخاصة بقضايا التربية والتكوين ومطالعة بعض الصحف والمواقع الإخبارية المتخصصة، لأن صديقي هذا - نسيت أن أذكر- أنه كاتب صحفي ومراسل لبعض الصحف الوطنية، فلا الشات يهمه ولا تحميل بعض الكتب والمسموعات تستهويه، فمكتبته المتكاملة تكفيه هذا العبء السبرنطيقي كما يظن المسكين، ولكن بعد شهرين بدأ التواصل ينقطع بتاتا في ساعة الذروة الخاصة به، فلكل ذروته التي تفتنه كما هو معروف عندنا نحن بنو آدم، ليس كمثل الجمل الذي لا ينظر سوى لذروة أخيه الجمل لأنه من فصيلة الحيوان،ومع ذلك لم يهتم صديقي بهذا العطب المفاجئ حسب رأي الوسيط الذي أخبره بأن المجهودات جارية لتطوير المنتوج، وأضاف هذا الوسيط الوسيم جدا، حسب وصف صديقي طبعا والله حسيبه، أنه في غضون شهرين أو أقل أو ربما أكثر بقليل أو أقل بكثير ستكون الشركة تتربع على عرش الاتصالات بالمغرب دون منازع، هذا كلام الوسيط التجاري الذي بلغ حتى التواتر في مدن المغرب، وجعل شيعة Wana يفاخرون منتظرين الفتح المبين التي ستجود به السموات بفضل Wana ولا يستفيد منه سوى مشتركوها الذين آمنوا وصدقوا بما قاله الحواريون والرسل من الوسطاء والوكلاء الذين نشرتهم الشركة في ربوع المملكة، والحقيقة أن كاتب هذا المقال رأى بعضهم، اغلبهم شباب، الوسامة والجمال والابتسامات المجانية تزيدها أسنانهم البيضاء فتنة وبهاء وكأنهم لم يأكلوا بها قط، وشوارب بين الخفيفة والحليقة وسراويل الدجين من آخر صيحات الموضة تصر مؤخراتهم الطرية، وأحسبهم جميعا أحسن جمالا من أستاذة في الانجليزية أعرفها المسخوطة تبيت سهرانة وتظل مع صداع المراهقين حتى أصبحت كسيارة متهالكة يقودها سائق جشع، أما شباب Wana لو تأخر الدهر بالزنديق أبي نواس لتغزل بهم، ولو رآهم عزيزي الجاحظ لكتب عنهم فصلا خاصا في كتابه " مفاخرة الجواري والغلمان" !
صديقي المسكين، أستاذ وما قاريش، أو بالأحرى لم يستفد مما قرأه حول السيميائيات وبلاغة الخطاب الاشهاري وتحليل الخطاب السياسي، قطعوا عنه الخط أو الريزو أو ما شاكل ذلك، هو لايعلم، الله وحده و شركة Wana يعلمان. فلما عاد كرة أخرى إلى الوكيل، كان يبيع له الكلام...باختصار حتى لا نطيل، حاول صديقي أن يتصل بالشركة مباشرة ليعرف المشكل عن كتب، فلم يزد ذلك جيبه إلا خسارا، حاول أن يبلغهم مشكله، فكانوا يقولون له انتظر، فينتظر مع المنتظرين في عز فصل الصيف الماضي، عاد إلى الوكيل كرة أخرى فلم يظفر بجواب شاف كاف سوى الكلام المعسول، يخطب ساعة ولا يصل للبضاعة، كلام يحتاجه أصحاب البلاغة ويمجه أصحاب البلاغ، ، فيسب أصحاب Wana ويعيرهم بأقبح النعوت من السمطة إلى الأسفل وهو معذور، ولكن كل ذلك كان يتم في نفسه فقط، لأن Wana مقربة من أونا كما قال رجل تعليم تافه في قاعة الأساتذة لا يهتم بـ Wana وأخواتها" بقدر ما يهتم بـ "إن وكان وأخواتها" وشبكة أبي سلمى.
حاول أن يحل المشكل وحاول مرات وصبر حتى عجز صبرُه عن صبِره فقرر أن يسافر إلى الدار البيضاء، ولما وصل إلى سيدي معروف انبهر بمقر الشركة الذي يتخذ من عمارة كبيرة خاصة، ولما سأل عن مشكله أرشدوه إلى ملحقة هي عبارة عن عمارة أيضا، ولما حكى لهم قصته استقبله شاب وسيم وجميل أيضا، تذكر صديقي محمود درويش الذي يحتفل الشعراء هذه الأيام بالذكرى الأولى لرحيله وترحم عليه أيضا وأنشد كلاما له في " خطاب الديكتاتور العربي" : "من كان منكم وسيما جعلته حاجبا للفضائح" رحمك الله يا محمود !
وبعد برهة من الزمن عاد الشاب الوسيم " مبشرا" غير " منفر" : مبروك عليك يا أخي.. اسمك غير موجود عندنا بتاتا ولا رقمك ولا هاتفك ولا رقم بطاقتك.. وقع خطأ واحمد الله أنك لم تؤد ثمن هذه الشهور التي قضيتها رفقة الموديم ..فصاحب الموديم الحقيقي نحن الآن نتابعه في المحكمة.. وأنت لن نتابعك أبدا..نم هادئا مرتاح البال!!
فرد صديقي المسكين : ولكن عندي عقد معكم..وليس لي مشكل أن أؤدي الثمن..والذنب ذنبكم وليس ذنبي أنا.. أنتم تتابعون عبر القضاء من أخل بالالتزام أو العقدة وأنتم يا Wanaمن نكتتم بالعقد معي.. فأجاب الشاب الجميل والوسيم و الـ " محسن" بأن لصديقي الحق بأن يفعل ما يروق له ويراه مناسبا، قالها بلغة هادئة وديبلوماسية.. نظر إليه صديقي وقال له : أنتم تنصبون على رجال التعليم!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق